تفسير سورة النبأ
قال الله -جل وعلا-:
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ </A>
أي: عن أي شيء يتساءلون، والمتسائلون هم المشركون، وتساؤلهم عن النبأ العظيم، الذي هو يوم البعث والنشور، ووصفه الله -جل وعلا- هنا بأنه يوم عظيم؛ لشدة هوله ومطلعه؛ ولعظم ما يقع فيه من الأحداث التي هي من أمور الغيب، والتي ذكر الله -جل وعلا- أنه يشيب منها الولدان.
والقسم الأول هو الأكثر، الذين يجزمون بإنكار البعث والنشور، والقسم الثاني يشككون ولكن لا يجزمون.
فقوله -جل وعلا- في هذه الآية:
سَيَعْلَمُونَ </A>
هذا هو الذي فصله الله -جل وعلا- في آيات أخرى وبينه، وهي أن مردهم إلى النار، وأنهم يعذبون فيها جزاء على تكذيبهم بالبعث بعد الموت.
قال العلماء: معناه: أنه كان كافرا بالبعث والنشور، فلم ينفعه إحسانه إلى الخلق، ولا اتصافه بمكارم الأخلاق؛ لأنه لم يكن مؤمنا بالبعث، فمن لم يؤمن بالبعث والنشور فأعماله باطلة وهباء منثور.
ولهذا كان الأنبياء والمرسلون مهتمين بشأن هذا اليوم وتقريره للخلق، ونطقهم به.
فثمود وعاد كذبوا بالقارعة، وهو اسم من أسماء يوم القيامة، وثمود وعاد كذبوا بوقوع القيامة، وسمي قارعة؛ لأنه يقرع القلوب بشدة فزعه وهوله.
فالمؤمن لا يكون مؤمنا إلا بالإيمان بالبعث والنشور بلا تردد، فمن تردد، شك هل هناك بعث أو ليس هناك بعث فهو كافر، فضلا عن من أنكر البعث والنشور.
وهذا كما دل على البعث الشرع الحكيم دلت عليه حتى الأدلة العقلية؛ ولهذا سيأتي بعد هذه الآيات تقرير الله -جل وعلا- للكفار بشأن البعث، وما نصبه -جل وعلا- من الآيات الدالة على قدرته -جل وعلا- على إعادة الخلق، كما بدأهم، وستأتي -إن شاء الله- الدرس القادم.
هذا ما تضمنته هذه الآيات والعلم عند الله -جل وعلا-
س: هذا سائل يسأل يقول: قلت: إن الصحابة أخذوا التفسير عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكيف إذا اختلف الصحابة والتابعون نتحرى الأقرب؟ لماذا نأخذ بقول الصحابة؟ نرجوا الإيضاح؟
فنبينا -صلى الله عليه وسلم- بين للناس، لكن هذا البيان أحيانا قد لا يبلغنا، أو قد يبلغنا بسند ضعيف، وأحيانا بعض الصحابة قد يبلغه تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- والآخر لا يبلغه التفسير، فننظر في أقوال الصحابة إذا اختلفوا فيما بينهم الأقرب منها إلى الكتاب والسنة.
لكن إذا اختلف الصحابة … كانوا في كفة والتابعون في كفة فلا ريب أننا نأخذ بأقوال الصحابة جزما، لكن إذا اختلف الصحابة فيما بينهم، أو اختلف التابعون فيما بينهم، فكان التابعون طائفتين، طائفة تقول بهذا وطائفة بهذا، فهؤلاء نرجح من أقوالهم ما دل الدليل من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- على ترجيحه.
س: هذا السائل يقول: هل في القرآن مبالغة؟
فالحق: هو المعنى، والمدلول: من كتاب الله -جل وعلا-، والأحسن تفسيرا: هو كلام الله -جل وعلا-، وهذه الألفاظ -ألفاظ القرآن- هي الأحسن تفسيرا؛ لأنك لا تستطيع أن تغير كلمة من كلمات القرآن لتدلل بها على المعنى الذي أراده الله -عز وجل.
فإن كان المراد المبالغة، يعني: ذِكر أشياء لا حقيقة لها، أو ذكر أشياء هي في نفسها حقيقة، ولكن فيها زيادة، بحيث تخرج الكلام عن أن يكون صحيحا تمام الصحة، هذا غلط ولا يجوز أن يقال في القرآن هذا؛ لأن القرآن
<td align=left width=25 cellpading="0" cellspacing="0"> |